اللهم اجعلنا من الداعين بحضرتك فتستجيب لهم برحمتك يا ارحم الراحمين
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
وبعد ،،،
عندما ذكر الحق جل وعز آيات الصيام في سورة البقرة في الآيات (183 – 187) وهي خمس آيات كريمات فإنه أورد سبحانه آية الدعاء في سياق آيات الصيام في الآية (186) وهي قوله سبحانه "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ "البقرة186 ولا يخفى علينا دلالة ذلك ؛ فالصائم قريب من الله سبحانه ولا ترد دعوته فهو أحد الثلاثة الذين تقبل دعوتهم وشعوره بالرهبة والرجاء والخشية يدفعه إلى الإلحاح في الدعاء وإلى اغتنام أبواب الخير المفتوحة في هذا الشهر الفضيل لكي يقرعها ويداوم الطرق عليها<المسلم الصائم عليه أن يتعرض لنفحات الله تعالى في هذه الأيام المباركة فلعل دعوة من دعواته توافق رحمة فيسعد بها لا يخسر بعدها أبدا وعندما يجد نفسه قريبا من الله تعالى عليه أن يغتنم ذلك بقوله
"من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة وما سئل الله شيئا أحب إليه من العافية
وعلى المرء المسلم ألا يستكثر مطالبة بجوار كرم الله ففي الحديث القدسي "لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئا إلا كما ينقص المخيط إذا وضع في البحر
فدعاء الصائم تأكيد لمظاهر العبودية لله تعالى وتقربه إلى الخالق وينقله من قدراته الضعيفة إلى قدرات الحق سبحانه التي ليس لها قيود ولا حدود هو إذن فعل ما بوسعه وتوقفت الأسباب عند ذلك ولم يجد الحل إلا في رفع أكف الضراعة إلى المولى سبحانه فلا ييأس ولا تذهب نفسه حسرات ؛ فإحساس العبد بعجزه أمام قدرات الله سبحانه دليل على قوة إيمانه وصدق يقينه فمهما ضاقت السبل وتعاظمت الأزمات وتكاثرت المحن والمصائب والتحديات فالمسلم مطمئن إلى قدرة الله في سورة النمل (62) )( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ
اللهم لا تردنا خائبين .. ولا من عطاياك مفلسين ولا عن بابك مطرودين وآمنا من فزع يوم الدين يا أرحم الراحمين.<